شحادة: لبنية تحتية رقمية وطنية والبدء خلال أسابيع

شحادة: لبنية تحتية رقمية وطنية والبدء خلال أسابيع

بين وزارة تُعنى بماضي لبنان المثقل بجراح الحرب، ووزارة تنظر إلى المستقبل بتفاؤل رقمي، يقف كمال شحادة، وزير المهجرين ووزير الدولة لشؤون التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، حاملاً مسؤوليتين على طرفي نقيض. في مقابلة مع “النهار”، يشرح شحادة كيف يوازن بين إنهاء ملف التهجير بكل تعقيداته، وبناء وزارة ناشئة تُعنى بأحد أسرع القطاعات نموا في العالم، وسط أزمة سياسية واقتصادية خانقة.

يبدأ شحادة حديثه موضحا أن ترتيب الأولويات كان ضروريا نظرا إلى تضارب طبيعة الوزارتين.

يقول: “وزارة المهجرين تُعنى بأبشع فصل في تاريخ لبنان الحديث، بينما وزارة التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي تمثّل الأمل بغدٍ أفضل. لقد قسّمت عملي إلى محورين: الأول هو إقفال ملف المهجرين بكرامة، والثاني بناء وزارة المستقبل”.

يوضح أن وزارة المهجرين تمرّ بمراحلها الأخيرة، مع تأكيد حقوق من تبقى من المهجرين لم يحصلوا بعد على مستحقاتهم. “يا للأسف، منذ عشر سنوات لم تتلقّ الوزارة أي تمويل، ما أخّر إنجاز الكثير من المعاملات. اليوم العمل جارٍ على رقمنة الملفات وتوثيق كل المستندات قبل انتقالها إلى جهة أخرى، كمديرية مصغّرة أو رئاسة الحكومة، تمهيدا لإقفال الوزارة نهائيا”.

عندما يسأل عن السمعة السيئة التي تلاحق وزارة المهجرين كإحدى أبرز “مزارع” الفساد، لا يتجاهل الوزير الجدل: “من المؤكد أنه حصلت تجاوزات في الماضي، وأنا لست في موقع محاسبة من سبقني. ولكن الوزارة قامت أيضا بعمل جبار”. ويعدّد شحادة الإنجازات، من مصالحات في أكثر من 30 بلدة شهدت صراعات أهلية، إلى إعادة إعمار البيوت والبنى التحتية في قرى الاصطياف.

ويشدد على أهمية أن يكون إقفال الوزارة نموذجا يُحتذى من ناحية حفظ الأرشيف، ورقمنة الملفات، وضمان الحقوق المتبقية: “يجب ألا نُقفل الملفات بطريقة عشوائية، بل على نحو منظم ومسؤول”.

بالانتقال إلى وزارة الذكاء الاصطناعي، يعترف شحادة بأن التحدي الأول كان إقناع اللبنانيين بأن من حقهم أن يحلموا بوطن متطور. “الناس فقدت الثقة بكل شيء، ولكن إذا لم نؤمن بأن لبنان يستحق الأفضل، فمن يؤمن؟”، يسأل.

رغم عدم وجود موازنة خاصة حتى اليوم، يعمل مكتب الوزير بشراكة مع القطاع الخاص، والجامعات، والمغتربين اللبنانيين لتنفيذ برامج رقمية طموحة. ويؤكد أن “معظم الدعم يأتي من هبات وموارد خارجة عن الموازنة العامة، بموافقة مجلس الوزراء. الفكرة الأساسية هي تعبئة القطاع الخاص لتنفيذ المشاريع”.

ويشير إلى تعاون وثيق مع وزارات العدل والمال والعمل والتنمية الإدارية لوضع أطر تشريعية وتنظيمية تواكب تطلعات اقتصاد رقمي حديث.

من أبرز المهمات التي تقوم بها الوزارة الوليدة الدفع في اتجاه إقرار قوانين جديدة تنظم قطاع التكنولوجيا: “لدينا أكثر من 25 مشروع قانون ومرسوم قيد الإعداد، بينها مشروع قانون لإنشاء مناطق تكنولوجية خاصة يُتوقع التصويت عليه في الهيئة العامة لمجلس النواب خلال أيام”، يوضح شحادة.

من هذه المشاريع أيضا، قانون حماية خصوصية البيانات الذي يعتبره الوزير مفتاحا لجذب استثمارات بمئات ملايين الدولارات من الخارج، بخاصة من الشركات التي تشترط وجود بيئة تشريعية ملائمة لحماية المعلومات.

في موضوع جهوزية البنية التحتية، لا ينكر شحادة الحاجة إلى استثمارات كبيرة في شبكات الاتصالات. ويشرح: “اليوم لدينا نحو 30 ألف مشترك فقط بالفايبر أوبتيك، وهذا رقم ضئيل جدًا. الحل يكمن في فتح المجال للقطاع الخاص وضمان إمكانات أوسع لأوجيرو و”ليبان تيليكوم” للاستثمار والتوسّع”.

أما على مستوى “البنية الرقمية”، فيؤكد أنه “تم وضع دفتر شروط لإنشاء بنية تحتية رقمية وطنية تمهّد لربط الوزارات والخدمات بعضها ببعض رقمياً، ومن المتوقع بدء التنفيذ خلال أسابيع”.

يختم شحادة حديثه متمنياً أن تستمر روح التعاون بين الوزارات كما بدأ العمل، رغم عمر الحكومة القصير. “ما من أحد منا أخذ الوزارة إلى بيته”، يقول بابتسامة، مشيرًا إلى أن خدمة المواطن هي الهدف الأول والأخير. ويتمنى “أن تتوافر مصادر التمويل الضرورية، سواء عبر هبات، أو قروض، أو مساهمات خاصة ضمن إطار قانوني شفاف”.

You May Also Like

More From Author