بيروت، 18 أيار/مايو 2025–في خطوة تُعدّ تحوّلًا مفصليًا في مسار العمل العربي التنموي، اعتمدت القمّة العربية التي اختتمت أعمالها في العاصمة العراقية بغداد أمس “الرؤية العربية 2045” تحت شعار “تحقيق الأمل بالفكر والإرادة والعمل”. تهدف الوثيقة، التي باتت مرجعًا إرشاديًا للدول العربية، إلى دعم خطط التنمية المستدامة، وتعزيز التكامل الإقليمي، وتحقيق تطلعات الشعوب العربية في الأمن والاستقرار والازدهار.
وتمثّل الرؤية، التي أعدّتها لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) بالشراكة مع جامعة الدول العربية، تصورًا استراتيجيًا جماعيًا طموحًا لمستقبل المنطقة، ينطلق من الواقع ويتطلع إلى المستقبل، ويرتكز على ستة أركان مترابطة: الأمن والأمان، العدل والعدالة، الابتكار والإبداع، الازدهار والتنمية المتوازنة، التنوع والحيوية، والتجدد الثقافي والحضاري. وقد صيغت بمنهجية تشاركية شملت مساهمات من شباب ومفكرين وخبراء ومسؤولين عرب سابقين وحاليين، مستندة إلى المقاربات الوطنية والإقليمية والدولية، وفي مقدمتها خطة التنمية المستدامة لعام 2030 و”ميثاق المستقبل” الصادر عن قمّة الأمم المتحدة.
وتقترح الوثيقة عددًا من المبادرات الطموحة، من بينها: التحوّل إلى التعليم القائم على الذكاء الاصطناعي والتعلّم مدى الحياة، وإنشاء آليات إغاثة طارئة للدول العربية المتأثرة بالنزاعات، وتبنّي نهج إقليمي موحد لإدارة الموارد المائية والغذائية، فضلًا عن إطلاق برامج تكاملية لربط شبكات الكهرباء والإنترنت والسكك الحديدية، وتعزيز الثقافة العربية ومكانة اللغة العربية عالميًا، بما يسهم في ترسيخ الهوية والانفتاح الحضاري في آنٍ واحد.
وقد خضعت الرؤية لسلسلة واسعة من المشاورات والمراجعات بدأت في عام 2022، شملت فئات متعددة من المجتمع العربي من فنانين وأكاديميين وشباب ومراكز فكر. واعتمدت الإسكوا الوثيقة مبدئيًا في دورتها الوزارية الحادية والثلاثين في كانون الأول/ديسمبر 2023، وأوصت برفعها إلى القمّة العربية بعد إدراج ملاحظات الدول الأعضاء، من خلال آليات التنسيق المشترك مع الأمانة العامة للجامعة.
وفي تصريح للأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط بعد اعتماد الرؤية من القادة العرب، أكد أن “الرؤية العربية 2045 تُشكّل إطارًا طموحًا لوضع مسار تنموي واضح الملامح طويل الأمد، يطرح الأمل لشباب المنطقة في مستقبل أكثر إشراقًا واستقرارًا، ويعكس إدراكًا جماعيًا بأن التنمية هي أساس الأمن والاستقرار في المنطقة العربية”.
ومن جانبها، أشادت الأمينة التنفيذية للإسكوا رولا دشتي بالرؤية واعتبرتها “تجسيدًا لوحدة الهدف العربي في سبيل تحقيق التنمية المنشودة، حيث جمعت الدول العربية حول طاولة واحدة لصياغة تصور مشترك لمستقبل المنطقة”، وأضافت أن “الإسكوا، باعتبارها الذراع الإقليمي للأمم المتحدة في المنطقة العربية، تعتزّ بالشراكة مع جامعة الدول العربية، وتؤكد التزامها بمواصلة تقديم الدعم الفني والمؤسسي للدول العربية لإنجاح هذه الرؤية”.
وتعد “الرؤية العربية 2045” أول وثيقة استراتيجية عربية طويلة الأمد تُصاغ بمنهجية علمية وتشاركية شاملة، وتدمج بين الطموح التنموي والواقعية السياسية، في سبيل بناء مستقبل عربي أكثر استدامة وتكاملًا وعدالة.