الفنانة التشكيلية سناء قرواش.. حين يُصبح اللون اعترافًا واللوحة ملاذًا للروح

تعتبر الفنانة التشكيلية الشابة سناء قرواش واحدة من الوجوه الصاعدة في عالم الفن المعاصر بالمغرب، تمتلك رؤية بصرية متميزة تنبع من أعماق الذات وتُترجم المشاعر الإنسانية إلى لوحات نابضة بالحياة، بأسلوبها التجريدي الخاص تمزج سناء بين الحس الجمالي والبعد النفسي، لتخلق أعمالا تتجاوز الشكل إلى ما هو أعمق: تجربة شعورية، ورحلة تأمل، ومرآة للروح، ومن خلال ريشة تنبض بالصدق، وألوان تنطق بما لا يقال، تواصل سناء رسم ملامح مسار فني واعد يزاوج بين الإبداع والعلاج، وبين الجذور الأمازيغية والأفق الإنساني الواسع.
في عالم يضج بالضوضاء وتسارع الخطى، تخرج سناء من بين الزحام كهمسة ضوء، تحمل بين أناملها دفاتر من الحلم وفسيفساء من المشاعر، فنها ليس مجرد رسم، بل هو بوح داخلي، لغة صامتة تتكلمها الألوان وتترجمها الفرشاة بشغف صادق.
سناء قرواش، لا تلهث خلف إعادة تشكيل الواقع كما هو، بل تغوص في عوالم أكثر عمقا، في قلب المشاعر، في دهاليز الذاكرة، وفي المساحات التي يعجز الكلام عن التعبير عنها، تقول سناء:
“الفن هو حديثي مع ذاتي قبل أن يكون رسالتي للعالم. لا أسعى للكمال، بل للصدق،  وأدع اللون يُكمل ما تعجز عنه الكلمات.”
في لوحاتها، يزهر البرتقالي كطيف دافئ يرمز للأمل والإنسانية والطاقة، وتنساب الألوان الأخرى في تناغم روحي، حيث تقودها المشاعر لا الخطط، والإلهام لا القوالب، كل لوحة تولد من إحساس، وتكبر كرحلة وجدانية لا تخضع لقوانين الزمان والمكان.
وما يميز هذا العالم البصري أكثر، هو تقاطع الفن مع خلفية سناء الأكاديمية في علم النفس، إذ ترى أن الإبداع يمكن أن يكون علاجا، ووسيلة لإعادة التوازن إلى أرواح أنهكتها الحياة، تترجم الألم والفرح والحنين إلى طاقة لونية، وتدعونا لمصافحة ذواتنا من جديد عبر أعمالها.
وفي أعماق هذا الفن، تنبض الروح الأمازيغية، فتغدو اللوحة مساحة تلتقي فيها الأرض والحرية، الهوية والانتماء، تقول سناء بفخر:
“هويتي تسكنني وتوجهني، أحملها في اختياراتي، في إيقاع لوحاتي، وفي رمزية الألوان.”
تجربتها الدولية الأخيرة في ألمانيا، وتحديدا مشاركتها في معرض جماعي بفندق Comfort Hotel في مونهايم آم راين، كانت نقطة تحول، بتنظيم من جمعية Wir in Monheim e.V.، عرضت سناء أعمالها أمام جمهور متنوع وشخصيات وازنة من ضمنهم القنصل المغربي وعمدة المدينة، وقد تركت لوحاتها التي جمعت بين التجريد والبعد الإنساني، أثرا عميقا في الحضور.
تصف سناء هذه التجربة بأنها “صوت مغربي وصل إلى قلوب العالم”، وتطمح اليوم لإقامة معرض فردي في مدينة الرباط، حيث تأمل أن تعود بلغة فنها إلى حضن الوطن، وتُطل من جديد على جمهورها المحلي بمزيد من النضج الفني والروحي.
سناء قرواش ليست فقط فنانة تشكيلية، بل معالجة بالألوان، ورسولة مشاعر، وحارسة لبوابات الجمال، ترسم لتعبر، لتُشعر، لتُداوي، وهي تحلم أن تدمج يوما بين الفن وعلم النفس في مشروع إنساني شامل يعانق الإنسان في هشاشته ويمنحه أملاً جديدا بلون جديد

You May Also Like

More From Author